ومما ينبغي التنبه له أن الشيطان يعمل جاهداً على تزيين الباطل والشرك ليوقع بني آدم فيه، وليجعلهم يستمرون عليه، ولذلك تجد الشياطين كثيراً ما تتمثل في صور الآدميين لإعانة من يحاربون الحق ويقعون في الشرك، كما تمثل لقريش لما خرجوا لحرب النبي صلى الله عليه وسلم في بدر في صورة سراقة بن مالك، وشجعهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ذلك روايات كثيرة عن ابن عباس وغيره رواها ابن جرير وغيره في تفسير قول الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: ٤٨] . وثبت في الأحاديث الصحيحة أنه سيتمثل في آخر الزمان للأعراب في صور آبائهم عند خروج المسيح الدجال فيدعوهم إلى اتباع هذا الدجال الخبيث فيتبعونه، وثبت في وقائع كثيرة في أزمان متباعدة ومتقاربة أن الشيطان يتمثل لمن يغلون في القبور في صورة الميت فيقضي لهم بعض ما يطلبون، وأيضاً قد يستدرجهم الله تعالى فيحقق لهم بعض ما يدعون به عند القبور أو يطلبون من الموتى، فيحمل هذا كله هؤلاء الجهال ومن يسمع أخبارهم على زيادة الغلو في الموتى والاستمرار في ذلك، واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون. ينظر: الفتن لنعيم بن حماد شيخ البخاري ٢/٥٣٠-٥٥٧، مصنف عبد الرزاق ١١/٣٩١-٤٠٣، مجموع الفتاوى ١/٨٢،٨٣، ١٦٨،١٧٥،٣٥٠، ٣٥٩-٣٦٥