للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٠٣٢- عمرو بن معد يكرب الزبيدي]

ب د ع: عَمْرو بْن معد يكرب بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن خصم بْن عَمْرو بْن زبيد الأصغر وهو منبه بْن رَبِيعة بْن سَلَمة بْن مازن بْن رَبِيعة بْن منبه بْن زبيد الأكبر بْن الحارث بْن صعب بْن سعد العشيرة بْن مذحج الزبيدي المذحجي، أَبُو ثور، كذا نسبه أَبُو عُمَر.

وقَالَ هشام الكلبي: عصم بدل حصيم.

قَدْم عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وفد مراد، لأنَّه كَانَ قَدْ فارق قومه سعد العشيرة، ونزل فِي مراد، ووفد معهم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم معهم، وقيل: إن عمرًا قدم فِي وفد زبيد قومه، والله أعلم.

وكان إسلامه سنة تسع، وقَالَ الواقدي: سنة عشر.

ولما أسلموا عادوا إِلَى بلادهم، فلما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتد مَعَ الأسود العنسي، فسار إِلَيْه خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص فقاتله، فضربه خَالِد عَلَى عاتقه، فانهزم، وأخذ خَالِد سيفه الصمصامة، فلما رَأَى عَمْرو قدوم الإمداد من أَبِي بَكْر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى اليمن، عاد إِلَى الْإِسْلَام، ودخل عَلَى المهاجر بْن أَبِي أمية بغير أمان، فأوثقه وسيره إِلَى أَبِي بَكْر، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر: أما تستحيي! كل يَوْم مهزوم أم مأسور! لو نصرت هَذَا الدين لرفعك اللَّه! قَالَ: لا جرم لأقبلن ولا أعود، فأطلقه ورجع إِلَى قومه، ثُمَّ عاد إِلَى المدينة، فسيره أَبُو بَكْر إِلَى الشأم، فشهد اليرموك، ثُمَّ سيره عُمَر إِلَى سعد بْن أَبِي وقاص بالعراق، وكتب إِلَى سعد أن يصدر عَنْ مشورته فِي الحرب، وشهد القادسية، وله فيها بلاءً حسن، وقتل يَوْم القادسية، وقيل: بل مات عطشًا يومئذ، وقيل: بل مات سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند مَعَ النعمان بْن مقرن، فمات بقرية من قرى نهاوند، يُقال لها: روذة، فَقَالَ بعض شعرائهم يرثيه:

لقد غادر الركبان يَوْم تحملوا بروذة شخصًا لا جبانا ولا غمرا

فقل لزبيد، بل لمذحج كلها رزنتم أبا ثور قريعكم عمرا

روى عَنْهُ شراحيل بْن القعقاع، أَنَّهُ قَالَ: علمنا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التلبية: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لَكَ لبيك، إن الحمد والنعمة لَكَ والملك لا شريك لك "، فَقَالَ عَمْرو: لقد رأيتنا منذ قريب، ونحن إِذَا حججنا فِي الجاهلية نقول:

لبيك تعظيمًا إليك عذرًا

هذي زبيد قَدْ أتتك قسرا

تعدو بها مضمرات شزرا

يقطعن خبتًا وجبالًا وعرا

قَدْ تركوا الأوثان خلوا صفرا

قَالَ: فنحن والحمد لله نقول كما علمنا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشَّافعيّ رحمه اللَّه، قَالَ: وجه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وخالد بْن سَعِيد بْن العاص إِلَى اليمن، وقَالَ: " إِذَا اجتمعتما فعلي الأمير، وَإِذا افترقتما فكل واحد منكما أمير ".

فاجتمعا، وبلغ عَمْرو بْن مُعَد يكرب مكانهما، فأقبل فِي جماعة من قومه، فلما دنا منهم، قَالَ: دعوني حتَّى آتي هَؤُلَاءِ القوم، فأني لم أسم لأحد قط إلا هابني، فلما دنا منهما نادى: أَنَا أَبُو ثور، أَنَا عَمْرو بْن معد يكرب، فابتدره عليّ وخالد، وكل واحد منهما يَقُولُ لصاحبه: خلني وَإِياه ويفديه بأبيه وأمه، فَقَالَ عَمْرو إِذ سَمِعَ قولهما: العرب تفزع مني وأراني لهؤلاء جزرًا، فانصرف عَنْهُمَا.

وكان شاعرًا محسنًا، ومن جيد شعره قولُه:

أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع

إِذَا لم تستطع شيئًا فدعه وجاوزه إِلَى ما تستطيع

ومما يستجاد شعره قولُه:

أعاذل، عدتي بدني ورمحي وكل مقلص سلس القياد

أعاذل، إنَّما أفنى شبابي إجابتي الصريخ إِلَى المنادي

مَعَ الأبطال حتَّى سل جسمي وأقرح عاتقي حمل النجاد

ويبقى بعد حلم القوم حلمي ويفنى قبل زاد القوم زادي

تمنى أن يلاقيني قييس وددت وأينما مني ودادي

فمن ذا عاذري من ذي سفاه يرود بنفسه شر المراد

أريد حياته ويريد قتلي عذيرك من خليلك من مراد

فِي أبيات أكثر من هَذَا، وتروى هَذِهِ الأبيات لدريد بْن الصمة، وهي لعمرو بْن معد يكرب أشهر.

أَخْرَجَهُ الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>