فبين الله تعالى أن الحجة قامت على الناس بإرسال الرسل، ولا حجة لهم على الله بعد ذلك، ولو كان القدر حجة ما انتفت بإرسال الرسل.
وأما السنة: فمن أدلتها ما ثبت في الصحيحين عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة". قالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة. ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل: ٥-١٠] .
- وأما النظر: فمن أدلته:
١- أن تارك الواجب وفاعل المحرم يقدم على ذلك باختياره لا يشعر أن أحداً أكرهه عليه، ولا يعلم أن ذلك مقدر؛ لأن القدر سر مكتوم فلا يعلم أحد أن شيئاً ما قدره الله تعالى إلا بعد وقوعه.
فكيف يصح أن يحتج بحجة لا يعلمها قبل إقدامه على ما اعتذر بها عنه؟!!
ولماذا لم يقدر أن الله تعالى كتبه من أهل السعادة، فيعمل بعملهم، دون أن يقدر أن الله كتبه من أهل الشقاوة، ويعمل بعملهم؟!
٢- أن إقحام النفس في مآثم ترك الواجب وفعل المحرم ظلم لها وعدوان