فمنها الصلاة والذبح، لقوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] . وقوله:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣] . فمن صلى لغير الله فهو مشرك، ومن ذبح لغير الله تقرباً وتعظيماً فهو مشرك.
ولهذا لما كان التوكل خاصاً به كان وحده هو الحسب كما قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}[الطلاق: ٣] .
فأما قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال: ٦٤] . فمعناه أن الله هو حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فقوله:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ} معطوف على الكاف في قوله: {حَسْبُكَ} وليس معطوفاً على {اللَّهُ} كما ظنه بعض الغالطين، فإن هذا يفسد به المعنى إذ يكون المعنى على هذا التقدير: أن الله والمؤمنين حسب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا باطل، فإن مقام النبي صلى الله عليه وسلم أعلى وأقوى من مقام من اتبعه، فكيف يكون الأدنى حسباً للأعلى والأقوى؟!
- ومنها الخشية والخوف تعبداً وتقرباً لقوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ١٧٥] . وقوله:{فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن}[المائدة: ٣] . وقوله:{أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[التوبة: ١٣] وقوله: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[البقرة: ٤٠] . فجعل الرهبة له وحده كما جعل العبادة له