الأول: أن هذا الذي قرروه قد أقر به المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لم يجعلوا لله شريكاً في أفعاله كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}[العنكبوت: ٦١] . {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[الزخرف: ٨٧] . ومع هذا لم يكونوا موحدين بل هم مشركون بدلالة الكتاب والسنة والإجماع المعلوم بالضرورة من دين الإسلام لكونهم أنكروا توحيد الألوهية وقالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[صّ: ٥] ولهذا قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم مستبيحاً دماءهم وأموالهم، وسبى ذراريهم ونساءهم.
الثاني: أن تفسيرهم "لا إله إلا الله" بهذا التفسير الذي ذكروه أي أنه لا قادر على الاختراع إلا الله، يقتضي أن من أقر بأن الله وحده هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شهد أن لا إله إلا الله وعصم دمه وماله.
ومعلوم أن تفسيرها بهذا المعنى باطل مخالف لما عرفه المسلمون منها فإن تفسيرها الصحيح: أن لا معبود حق إلا الله، هذا هو الذي يعرفه المسلمون من معناها، بل والمشركون، ألا ترى إلى قول الله تعالى فيهم:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ، وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[الصافات: ٣٥ - ٣٦] . وكانوا لا يستكبرون عن الإقرار بقلوبهم وألسنتهم بأن الله هو الخالق وحده، ولا يدعون أن آلهتهم تخلق شيئاً، فتبين بذلك أن المشركين أعلم وأفقه بمعنى لا إله إلا الله من هؤلاء المتكلمين، وأن غاية ما يقرره هؤلاء المتكلمون من التوحيد توحيد الربوبية الذي لا يخلص الإنسان من الشرك، ولا يعصم به دمه وماله، ولا يسلم به من الخلود في النار.
وقد سلك هذا المسلك طوائف من أهل التصوف المنتسبين إلى المعرفة والتحقيق والتوحيد، فكان غاية ما عندهم من التوحيد: أن يشهد المرء أن الله