الثاني: أن القول بالمماثلة بين الخالق والمخلوق يستلزم نقص الخالق سبحانه؛ لأن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصاً.
الثالث: أن القول بمماثلة الخالق للمخلوق يقتضي بطلان العبودية الحق؛ لأنه لا يخضع عاقل لأحد وبذل له على وجه التعظيم المطلق إلا أن يكون أعلى منه.
- وأما الحس: فإننا نشاهد في المخلوقات ما تشترك أسماؤه وصفاته في اللفظ وتتباين في الحقيقة، فللفيل جسم وقوة، وللبعوضة جسم وقوة، والتباين بين جسميهما وقوتيهما معلوم، فإذا جاز هذا التباين بين المخلوقات كان جوازه بين الخالق والمخلوق من باب أولى، بل التباين بين الخالق والمخلوق واجب، والتماثل ممتنع غاية الامتناع.
- وأما قولهم:"إن الله تعالى خاطبنا بما نعقل ونفهم" فصحيح؛ لقوله تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الزخرف: ٣] . وقوله:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[صّ:٢٩] . وقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم}[إبراهيم: ٤] . ولوا أن الله أراد من عباده عقل وفهم ما جاءت به الرسل لكان لسان قومه ولسان غيرهم سواء، ولما حصل البيان الذي تقوم به الحجة على الخلق.
- وأما قولهم:"إذا خاطبنا عن الغائب بشيء وجب حمله على المعلوم في الشاهد" فجوابه من وجهين:
أحدهما: أن ما أخبر الله به عن نفسه إنما أخبر به مضافاً إلى نفسه المقدسة، فيكون لائقاً به لا مماثلاً لمخلوقاته، ولا يمكن لأحد أن يفهم منه