ولأن خبر الله تعالى صادر عن علم تام، فهو أعلم بنفسه وبغيره كما قال الله تعالى:{قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[البقرة: ١٤٠] .
ولأن خبر الله تعالى أصدق الأخبار كما قال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً}[النساء: ٨٧] .
ولأن كلام الله تعالى أفصح الكلام، وأبلغه، وأبينه كما قال الله تعالى:{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً}[الفرقان: ٣٣] . وقال:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِي}[الزمر: ٢٣] . متشابهاً: يشبه بعضه بعضاً في الكمال والبيان. وقال تعالى:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[الشعراء: ١٩٣-١٩٥] .
ولأن الله تعالى يريد بما أنزل إلى عباده من الوحي أن يهتدوا ولا يضلوا كما قال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[النساء: ٢٦] . وقال:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النساء: ١٧٦] .
وهكذا خبر النبي صلى الله عليه وسلم صادر عن علم فإنه صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأسمائه وصفاته وأحكامه وخبره أصدق أخبار البشر، وكلامه أفصح كلام البشر، وقصده أفضل مقصود البشر، فهو أنصح الخلق للخلق.
فقد اجتمع في خبر الله تعالى وخبر رسوله كمال العلم، وكمال الصدق وكمال البيان، وكمال القصد والإرادة، وهذه هي مقومات قبول الخبر.