فأجروا هذه النصوص وغيرها من نصوص الصفات على ظاهرها وقالوا: إنه مراد على الوجه اللائق بالله تعالى فلا تحريف ولا تمثيل.
وبيان ذلك: أن من صفاتنا ما هو معان وأعراض قائمة بنا كالحياة والعلم والقدرة، ومنها ما هو أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه واليدين. ومن المعلوم أن الله وصف نفسه بأنه حي، عليم، قدير، ولم يقل المسلمون إن المفهوم من حياته وعلمه وقدرته كالمفهوم من حياتنا وعلمنا وقدرتنا، فكذلك لما وصف نفسه بأن له وجهاً ويدين لم يكن المفهوم من وجهه ويديه كالمفهوم من وجوهنا وأيدينا. وإنما قال المسلمون إن المفهوم من صفات الله في هذا وهذا لا يماثل المفهوم منها في صفاتنا، بل كل صفة تناسب الموصوف وتليق به، فلما كانت ذات الخالق لا تماثل ذوات المخلوقين، فكذلك صفاته لا تماثل صفات المخلوقين.
وقد سبق أن القول في الصفات كالقول في الذات.
* فتبين بذلك أن من قال: إن ظاهر نصوص الصفات غير مراد فقد أخطأ على كل تقدير، لأنه إن فهم من ظاهرها معنى فاسداً وهو التمثيل، فقد أخطأ في فهمه وأصاب في قوله "غير مراد"، وإن فهم من ظاهرها معنى صحيحاً وهو المعنى اللائق بالله، فقد أصاب في فهمه وأخطأ في قوله "غير مراد" فهو إن أصاب في معنى ظاهرها أخطأ في نفي كونه مراداً، وإن أخطأ في معنى ظاهرها أصاب في نفي كونه مراداً، فيكون قوله خطأ على كل تقدير.
والصواب الذي لا خطأ فيه: أن ظاهرها مراد، وأنه ليس إلا معنى يليق بالله.