مردودة من جهة التركيب اللفظي ومن جهة المعنى أيضاً:
أما التركيب اللفظي: فإنه إذا قال القائل: فلان يسير بعيني لم يفهم أحد من هذا التركيب أنه يسير داخل عينيه، ولو أدعى مدع أن هذا ظاهر لفظه لضحك منه السفهاء فضلاً عن العقلاء، وإنما يفهم منه أن عينيه تصحبه بالنظر والرعاية، لأن الباء هنا للمصاحبة وليست للظرفية.
وأما المعنى: فإن من المعلوم أن نوحاً عليه الصلاة والسلام كان في الأرض، وأنه صنع السفينة في الأرض، وجرت على الماء في الأرض كما قال الله تعالى:{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ}[هود: ٣٨] . وقال:{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ}[القمر:١٠ – ١٤] .
ولا يمكن لأحد أن يدعي أن ظاهر اللفظ أن السفينة تجري في عين الله عز وجل، لأن ذلك ممتنع غاية الامتناع في حق الله تعالى، ولا يمكن لمن عرف الله وقدره حق قدره، وعلم أنه مستو على عرشه، بائن من خلقه، ليس حالاً في شيء من مخلوقاته، ولا شيء من مخلوقاته حالاً فيه أن يفهم من هذا اللفظ هذا المعنى الفاسد.
وعلى هذا؛ فمعنى الآية الذي هو ظاهر اللفظ أن السفينة تجري والله تعالى يكلؤها بعينه.
- ومثال ثالث: في الأثر: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه".
قالوا: فظاهر الأثر أن الحجر نفسه يمين الله في الأرض، وهذا معنى