للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالراسخون في العلم يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، وإذا كان من عنده فلن يكون فيه اشتباه يستلزم ضلالاً أو تناقضاً، ويردون المتشابه إلى المحكم فصار مآل المتشابه إلى الإحكام.

وأما أهل الضلال والزيغ فاتبعوا المتشابه وجعلوه مثاراً للشك والتشكيك فضلوا وأضلوا، وتوهموا بهذا المتشابه ما لا يليق بالله عز وجل ولا بكتابه ولا برسوله.

مثال الأول ١: قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} [يس: ١٢] . وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] ... ونحوهما مما أضاف الله فيه الشيء إلى نفسه بصيغة الجمع.

فاتبع النصراني هذا المتشابه وادعى تعدد الآلهة وقال: إن الله ثالث ثلاثة، وترك المحكم الدال على أن الله واحد.

وأما الراسخون في العلم: فيحملون الجمع على التعظيم لتعدد صفات الله وعظمها، ويردون هذا المتشابه إلى المحكم في قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة: ١٦٣] ويقولون للنصراني: إن الدعوى التي ادعيت – بما وقع لك من الاشتباه – قد كفرك الله بها وكذبك فيها فاستمع إلى قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة: ٧٣] ؛ أي كفروا بقولهم إن الله ثالث ثلاثة.

ومثال الثاني ٢: قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} [القصص: ٥٦] . وقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] .


١ توهم ما لا يليق بالله عز وجل.
٢ توهم ما لا يليق بالقرآن.

<<  <   >  >>