وهذا النوع يسأل عن بيانه، لأنه يمكن الوصول إليه، إذ ليس في القرآن شيء لا يتبين معناه لأحد من الناس، كيف وقد قال الله عز وجل:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩] . وقال:{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران: ١٣٨] . وقال:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}[القيامة: ١٨-١٩] . وقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}[النساء: ١٧٤] . وقال:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: ١٨٥] .
ولهذا النوع أمثلة كثيرة في المسائل العلمية الخبرية، والمسائل العملية الحكمية، وغالب المسائل التي اختلف الناس فيها أوكلها من هذا النوع.
فمن أمثلة ذلك في المسائل العلمية الخبرية: قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] . حيث اشتبه على النفاة أهل التعطيل ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى، ظناً منهم أن إثباتها يستلزم مماثلة الله تعالى للمخلوقين؛ فنفوا عن الله تعالى ما وصف به نفسه أو بعضه، وأعرضوا عن الأدلة السمعية والعقلية الدالة على ثبوت صفات الكمال لله عز وجل، وغفلوا عن كون الاشتراك في أصل المعنى لا يستلزم المماثلة في الحقيقة.
ثم لو أمعنوا في النظر في هذا المنفي:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] لتبين لهم أنه يدل على ثبوت الصفات لا على انتفائها، لأن نفي المماثلة يدل على ثبوت أصل المعنى، لكن لكماله تعالى لا يماثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولولا ثبوت أصل الصفة لم يكن لنفي المثل فائدة.
ومن أمثلة ذلك في المسائل العملية الحكمية قوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما