يقوم إلا بجسم" وتارة بمنع المقدمة الثانية وهي قولهم: "إن الأجسام متماثلة" وتارة بمنع المقدمتين، وتارة بالاستفصال، فيقولون: إن أردتم بالجسم جسماً مؤلفاً من لحم وعظم وأجزاء يفتقر بعضها إلى بعض، أو يحتاج إلى مقومات خارجية، فهذا ممتنع بالنسبة إلى الله الغني الحميد، وليس بلازم من إثبات الصفات، وإن أردتم بالجسم ما كان قائماً بنفسه موصوفاً بالصفات اللائقة به، فهذا حق ثابت لله عز وجل ولا يلزم عليه شيء من اللوازم الباطلة.
وإذا تبين اختلاف الناس في تفسير التشبيه صار الاعتماد على مجرد نفيه باطلاً، لأنه يلزم منه نفي صفات الكمال عن الله تعالى عند من يرى أن إثباتها يستلزم التشبيه.
وعلى هذا فالضابط الصحيح فيما ينفى عن الله تعالى ما سبق في أول القاعدة.
فصل
* فإذا تبين أنه لا يصح الاعتماد في ضابط النفي على مجرد نفي التشبيه وأنه طريق فاسد، فإن أفسد منه ما يسلكه بعض الناس حيث يعتمدون فيما ينفى عن الله تعالى على نفي التجسيم والتحيز ... ونحو ذلك، فتجدهم إذا أرادوا أن يحتجوا على من وصف الله تعالى النقائص من: الحزن، والبكاء، والمرض والولادة ... ونحوها يقولون له: لو اتصف الله بذلك لكان جسماً، أو متحيزاً، وهذا ممتنع، هذه حجتهم عليه!
وهذه طريقة فاسدة لا يحصل بها المقصود لوجوه:
الأول: أن لفظ "الجسم" و "الجوهر" و "التحيز" ونحوها عبارات مجملة مشتبهة لا تحق حقاً، ولا تبطل باطلاً، ولذلك لم تذكر فيما وصف الله وسمى به نفسه؛