للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثامن عشر: لو لم يكن هذا" الذي"١ نتلوه كلام الله حقيقة، لما جاز الرجوع إليه في الأحكام، إذ الرجوع إلى غير كلام الله مع وجوده غير جائز بالإجماع.

التاسع عشر: لو لم يكن ما نتلوه ونحفظه كلام الله حقيقة، لما تحقق إعجاز العرب عن الإتيان بمثله مع ما كانوا فيه من الفصاحة والبلاغة، وتوفر دواعيهم على قطع النبي صلى الله عليه وسلم وتعجيزه، وتمكنهم من ذلك في المدة طويلة، ولما تحقق عجزهم وعدم استطاعتهم على الإتيان بمثله، حتى نزل معهم من الجميع إلى عشر سور إلى سورة واحدة، دل ذلك دلالة قطعية على أن هذا الكلام ليس من كلام الآدميين، فتعين أن يكون كلاماً لله إ ذ لا ثالث لذلك.

العشرون: قوله صلى الله عليه وسلم:" أن هذه صلاتنا لا يصح فيها شيئاً من كلام الآدميين "٢ إن فيها قراءة فاتحة الكتاب.

فلو كانت فاتحة الكتاب من كلام الآدميين لتناقض الكلام، لأن نقيض السلب الكلي يتحقق بالإيجاب الجزئي، ومنصب النبوة يجل عن مثل هذه المناقضة.

فثبت بمجموع ما ذكرناه من هذه الوجوه: أن الحقيقة يجب٣

أن تكون مرادة من تلك الإطلاقات المذكورة في الأخبار والآيات، وأن هذا الموجود المكتوب في المصاحف الذي نحفظه ونعمل به، هو حقيقة كلام الله القديم المنزل على نبيه


١ ليست بالأصل.
٢ رواه مسلم (٥٣٧) وأبو داوود (٩٣٠) والنسائي في" المجتبى" (١٢١٦) وفي"الكبرى" (٥٥٦) (١١٤١) وأحمد (٢٣٨١٣) (٢٣٨١٦) والدارمي (١٥٠٢) والبخاري في"خلق أفعال العباد" (ص:٥٨) وابن خزيمة (٨٥٩) وابن حبان (٢٢٤٧) (٢٢٤٨) وابن الجارود في" المنتقى" (٢١٢) وابن أبي شيبة (٨٠٢٠) وعبد الرزاق (٣٥٧٧) .
٣ في الأصل: تجب.

<<  <   >  >>