قال الشيخ الإمام العالم العلامة الزاهد الحافظ الورع إمام الشافعية في وقته محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرا النواوي تغمده الله برحمته ورضوانه:
الحمد لله المقدس عن مماثلة المحدثات المتعالي عن النقائص والمتغيرات، المدعو بأنواع الألسن وأصناف اللغات، لا إله إلا هو خالق الأرض والسموات، أحمده على ما أهدى من المنح ومنح من الهدايات، وأصلي على أنبيائه الذين طهروا الأرض من الضلالات، خصوصاً على المبعوث آخر الرسالات، المؤيد بالمعجزات الباهرات والآيات البينات، المشفع في الميقات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وتابعيهم صلاةً دائمةً مع الآناء والأوقات.
وبعد: فلما ظهرت الشكوك والشبهات، وكثرت المطاعن والتمويهات، وانتشرت مقالة ذوي الأهواء والتعصبات، وعمت بها البلوى في جميع الأقطار والجهات سألني من إجابته من الواجبات. وإسعافه من أعظم المثوبات أن أجمع له زبد أقوال المتقدمين وغاية ماعولوا عليه من الاعتقاد في الحروف والأصوات، وما نقل عنهم في ذلك من الاختلافات، والتنصيص على ما ذهب إليه علماء الشرع ونقلة الأحاديث الثقات، سالكاً في ذلك طرق متأخري المتكلمين في المباحثات، جارياً على قواعد أهل١ النظر والمجادلات، مختصراً لفظه بأوضح العبارات الوجيزات، من غير تعصبٍ وميلٍ بل رغبة في إظهار الحق ونصرة لما سلف عليه الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين وجمعنا وإياهم في دار كرامته وسائر أحبابنا ومشايخنا وإخواننا إنه أجود الأجودين وأرحم الراحمين.
وأروي له ما ثبت به النقل عن سيد المرسلين وأشرف خلق الله من الأولين
١ في هامش الأصل: أصحاب، وما أثبتناه هو ما في الأصل.