ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل (٢) .
ــ
(١) النوء واحد الأنواء يزعمون أنهم يمطرون به، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، والغول بالضم اسم وجمعه أغوال وغيلان، قال الجمهور: كانت العرب تزعم أن الغول، وهي جنس من الشياطين في الفلاة، تتراءى للناس وتتلون تلونا في صور شتى، فتضلهم عن الطريق فتهلكهم، فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله، ويقال: ليس المراد نفي وجود الغول، بل ما تزعمه العرب من تصرفه في نفسه أو أنها لا تستطيع أن تضل أحدا مع ذكر الله، لحديث: " لا غول ولكن السعالي سحرة الجن "، أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل، ومنه الحديث: " إذا تغولت الغيلان، فبادروا بالأذان "، أي ادفعوا شرها بذكر الله، فدل أنه لم يرد بنفيها عدمها.
(٢) الفأل مهموز فيما يسوء ويسر، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء، وإنما أعجبه الفأل لأنه حسن ظن بالله، والعبد مأمور بحسن الظن بالله، وإذا أمل الفائدة منه ورجا العائدة من كل سبب ضعيف أو قوي فهو على خير، والتشاؤم سوء ظن بالله، وإذا قطع الإنسان ظنه بالله كان عمله من الشر، والطيرة فيها سوء ظن بالله، وتوقع للبلاء، والتفاؤل نحو أن يكون الرجل مريضا فيسمع من يقول: يا سالم، أو يا مفلح، أو يكون طالبا ضالة فيسمع من يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته، وتفرح نفسه وتنشط من غير اعتماد عليه، وإنما هو حسن ظن بالله، وإن أوجب مضيا أو ردا صار من الطيرة. ولما طلع سهيل بن عمرو عام الحديبية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سهل أمركم ".