للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة (١) "١.

ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر (٢) قال: " ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل (٣) ،

ــ

(١) بين صلى الله عليه وسلم أن الفأل يعجبه، فدل على أنه ليس من الطيرة المنهي عنها. قال ابن القيم: ليس في الإعجاب بالفأل ومحبته شيء من الشرك، بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة، وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يوافقها ويلائمها، والله جعل في غرائز الناس الإعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته، وميل نفوسهم إليه، وكذلك جعل فيها الارتياح والاستبشار والسرور باسم الفلاح والسلامة والنجاح والتهنئة والبشرى والفوز والظفر ونحو ذلك، فإذا سمعت الأسماع أضدادها أوجب لها ضد هذه الحال، فأحزنها وأثار لها خوفا وتطيرا وانكماشا، وانقباضا عما قصدته وعزمت عليه، فأورث لها ضررا في الدنيا ونقصا في الإيمان ومقارفة للشرك.

(٢) صوابه عن عروة بن عامر، وكذا رواه العسكري من طريق حبيب بن أبي ثابت عنه، كما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وهو مكي اختلف في نسبه، فقال أحمد: عروة بن عامر القرشي. وقال غير: هـ الجهني. واختلف في صحبته، وقال المزي: ((لا صحبة له تصح)) .

(٣) تقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ويعجبني الفأل "٢. وصحح الترمذي أنه كان إذا خرج لحاجة يحب أن يسمع يا نجيح يا رشيد، ولأبي داود إذا بعث عاملا سأله عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإذا كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه، ففيه استعمال الفأل. قال ابن القيم: ((أخبر أن الفأل من الطيرة، وهو خيرها، فأبطل الطيرة، وأخبر أن الفأل منها، ولكنه خير منها، ففصل بين الفأل والطيرة؛ لما بينهما من الامتياز والتضاد ونفع أحدهما ومضرة الآخر)) .


١ البخاري: الطب (٥٧٧٦) , ومسلم: السلام (٢٢٢٤) , والترمذي: السير (١٦١٥) , وأبو داود: الطب (٣٩١٦) , وابن ماجه: الطب (٣٥٣٧) , وأحمد (٣/١١٨ ,٣/١٣٠ ,٣/١٥٤ ,٣/١٧٣ ,٣/١٧٨ ,٣/٢٥١ ,٣/٢٧٥ ,٣/٢٧٧) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٣٠٧٣) , والنسائي: الزكاة (٢٤٤٨) .

<<  <   >  >>