وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي (١) به يوم القيامة "١.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم (٢) ،
ــ
= عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح، إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاص أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون شرا عليه من جهة ما أصابه في دينه، فهذا العافية خير له من جهة ما أورثته المصيبة، لا من جهة نفس المصيبة.
(٢) يوافي بضم الياء وكسر الفا، منصوب بحتى، أي لا يجازي بذنبه في الدنيا، بل يؤخر عنه العقوبة، حتى يجيء في الآخرة مستوفي الذنوب وافيها، فيستوفي ما يستحقه من العذاب، وهذا مما يزهد العبد في الصحة الدائمة، خوفا أن تكون طيباته عجلت له في الحياة الدنيا، وفيه أن البلاء للمؤمن من علامات الخير، والخوف من الصحة الدائمة خشية أن تكون علامة شر، والتنبيه على رجاء الله، وحسن الظن به فيما يقضيه لك مما تكره، وهذه الجملة هي آخر الحديث. ورواه الترمذي وحسنه والحاكم والطبراني، والحاكم أيضا عن عبد الله بن مغفل، وابن عدي عن أبي هريرة، ولما روى الترمذي هذا الحديث والذي بعده بإسناد واحد وصحابي واحد، وكان معناهما واحدا، ساقهما المصنف كالحديث الواحد.
(٢) بكسر العين وفتح الظاء فيهما، ويجوز ضمها مع سكون الظاء، أي من كان ابتلاؤه أعظم كمية وكيفية كان ثوابه أعظم وفضله أجزل، فإذا صبر واحتسب فإنه حينئذ يثاب على ما تولد منها، ورجح ابن القيم أن ثوابها تكفير الخطايا فقط، إلا إذا كانت سببا لعمل صالح كالصبر والرضى والتوبة والاستغفار فإنه حينئذ يثاب على ما تولد منها.
(٣) هذا صريح في حصول الابتلاء لمن أحبه الله، ولهذا ورد في حديث سعد:" أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه، =