معرفة القلب إذا لم تقترن بعمل القلب الذي هو التصديق. فإذن كل حكم شرعي عملي يقترن به عقيدة ولابد ترجع إلى الإيمان بأمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولولا أنه أُخبرنا به في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لما وجب التصديق والعمل به".
ومما قاله أيضاً: "إن قولهم يستلزم تعطيل العمل بحديث الآحاد في الأحكام العملية أيضاً، وهذا باطل لايقولون هم أيضاً به، وما لزم منه باطل فهو باطل، وبيانه: أن كثيراً من الأحاديث العملية تتضمن أموراً اعتقادية، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: إذا جلس أحدكم فى التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع: يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. رواه الشيخان ... " إلى آخر كلامه.
المذهب الخامس: وهو مذهب الخوارج والمعتزلة، وهؤلاء لا يحتجون بأحاديث الآحاد لا في العقائد ولا في الأحكام.
وحجة هؤلاء هي نفس حجة المذهب السابق الذكر، أي أن هذه الأحاديث لا تفيد إلا الظن ولا تفيد علماً مقطوعاً به لما فيها من احتمال الخطأ والوهم والكذب.
قلت: وهذا القول باطل؛ لأن من لوازمه الاقتصار على ما جاء في القرآن الكريم، وعلى الأحاديث المتواترة، والتي لا يصل عددها إلى مائتي حديث. وكأن هؤلاء هم الذين عناهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من حديث المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا هل عسى رجل يبلُغُهُ الحديث عنّي، وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتابُ الله،