للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا يأمره إلا وخبره مما تقوم الحجة به.

وقال الإمام الشافعي: "فلما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرأ يؤديها، والمرء واحد، دلَّ على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه، لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى، وحرام يجتنب، وحدّ يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة في دين ودنيا، ودلَّ على أنه قد يحمل الفقهَ غيرُ الفقيهِ يكون له حافظاً ولا يكون فيه فقيهاً" (١) .

٣- حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه الآنف الذكر: "ألا هل عسى رجلٌ يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته ... " الحديث. ووجه الاستدلال كما قال ابن القيم: "أن هذا نهي عام لكل من بلغه حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالفه أو يقول: لا أقبل إلا القرآن، بل هو أمر لازم، وفرض حتم بقبول أخباره وسننه، وإعلام منه صلى الله عليه وسلم أنها من الله أوحاها إليه، فلو لم تفد علماً لقال من بلغته: إنها آحاد لا تفيد علماً فلا يلزمني قبول مالا علم لي بصحته، والله تعالى لم يكلفني العمل بما لم أعلم صحته ولا اعتقاده، بل هذا بعينه هو الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ونهاهم عنه، ولما علم أن في هذه الأمة من يقوله حذرهم منه، فإن القائل إن أخباره لاتفيد العلم هكذا يقول سواه لا ندري ما هذه الأحاديث، وكان سَلَفُ هؤلاء يقولون: بيننا وبينكم القرآن، وخَلَفُهُم يقولون: بيننا وبينكم أدلة العقول، وقد صَرَّحوا بذلك وقالوا: نقدم العقول على هذه الأحاديث، آحادها ومتواترها ونقدم الأقيسة عليها" (٢) .


(١) الرسالة (١١٠٣،١١٠٤) ونقله عنه ابن القيم فى مختصر الصواعق المرسلة ص ٦٠٤.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة ص ٦٠٥.

<<  <   >  >>