العبادات لا تصلح إلا له وحده لا شريك له. وهذا معنى قوله:"لا إله إلا الله فإنه المألوه والمقصود والمعتمد عليه "، وهذا أمر هين عند من لا يعرفه، كبير عظيم عند من عرفه، فمن عرف هذه المسألة عرف أن أكثر الخلف قد لعب بهم الشيطان، وزين لهم الشرك بالله، وأخرجه في قالب حب الصالحين وتعظيمهم، والكلام في هذا يبنى على قاعدتين عظيمتين:
القاعدة الأولى:
أن تعرف أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعرفون الله، ويعظمونه، ويحجون ويعتمرون، ويزعمون أنهم على دين إبراهيم الخليل، وأنهم يشهدون أنه لا يخلق ولا يرزق، ولا يدبر إلا الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[يونس، من الآية: ٣١] . فإذا عرفت أن الكفار يشهدون بهذا كله فأعرف:
القاعدة الثانية:
وهي أنهم يدعون الصالحين، مثل الملائكة وعيسى وعزير، وغيرهم، وكل من ينتسب إلى شيء من هؤلاء سماه إلها، ولا يعني بذلك أنه يخلق ويرزق، بل يدعون الملائكة وعيسى، ويقولون:{هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس، من الآية: ١٨] . ويقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزّمر، من الآية: ٣] ، والإله في لغتهم هو الذي يسمى في لغتنا:"الذي فيه سر". والذي يسمونه الفقراء شيخهم يعنون بذلك أنه يدعي وينفع ويضر وإلا فإنهم مقرون لله بالنفوذ