لقد تبين لك مما ذكرنا من الأدلة النبوية أن العراق بلد الفتن والشرور، والشيطان، والفرقة والاختلاف، ومنشأ الكفر والنفاق والطغيان، مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وإليك ما ورد في ذلك عن الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام والمسليمن، ممن لهم علم ودراية فيما دونوا من علوم ورواية١.
ثم أتي ببيان أشهر الفتن التي نشأت من العراق فإذا عرفت أن العراق مطلع كل شر وخراب ودمار، فهيا إلى بيان الفتن التي ظهرت منه وفرقت الإسلام والمسلمين، بعد عصر النبوة.
الأولى: أكبرها وأشنعها وهي اغتيال فاروق الأمة، الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، الذي أعز الله به الإسلام، ومناقبه لا تعد ولا تحصى، وليس هنا بيانها فانظرها في مصادرها.
فكما هو معلوم فإن قاتله هو أبو لؤلؤة المجوسي -عليه لعنة الله-، وقد أتى من الكوفة، وأصله أعجمي.
الثانية: فتنة ذي النورين الخليفة الثالث: عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وقد ابتدأت من البصرة والكوفة بالعراق، وانتشرت حتى وصلت مصر.
الثالثة: وقعات الجمل وصفين والنهروان، بين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكان منشأ الفتنة من العراق، وعلى أرض العراق.
١ انظر: رسالة الدليل البراق على حوادث الكويث والعراق: تأليف عمر العمروي.