للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح أنه رآه بعينه ... وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ فقال: "نور أنى آراه"" ١.

وقد قال تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء ١] ، ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.

وكذلك قوله {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم ١٢] ، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم ١٨] ، ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى.

وفي الصحيحين عن ابن عباس: في قوله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء ٦٠] ، قال: "هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به"٢، وهذه رؤيا الآيات لأنه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم، حيث صدقه قوم وكذبه قوم، ولم يخبرهم أنه رأى ربه بعينه، وليس في شئ من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه"٣.

قال ابن القيم رحمه الله: "قال شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه-:


١ تقدم تخريجه.
٢ أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير باب {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} ص ٩٨٩ رقم ٤٧١٦. (ط دار السلام) .
٣ مجموع الفتاوى ٦/٥٠٩ - ٥١٠

<<  <   >  >>