للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم، وذهلت عنه عقولهم، فإذا أشفقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزكية، لا يرضون له بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون. ترى لأحدهم قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على علم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكيسا في قصد، وقصدا في غناء، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، وخشوعا في عبادة، ورحمة لمجهود، وإعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطلبا في حلال، ونشاطا في هدوء، واعتصاما في شهوة، لا يغره ما أجهله، ولا يدع إحصاء ما عمله، يستبطئ نفسه في العمل، وهو من صالح عمل على وج، ل يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، يبيت حذرا سنة النفل، ويصبح فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة، ورغبته فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى، وقد قرن العلم بالعمل، والحلم بالعلم، دائما نشاطه، بعيدا كسله، قريبا أمله، قليلا زللُه، متوقعا أجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، محرزا دينه، كاظما غيظه، آمنا منه جاره، سهلا أمره، معدوما كبره، بينا صبره، كثيرا ذكره، لا يعمل شيئا من الخير رياء، ولا يتركه حياء، أولئك شيعتنا وأحبتنا، ومنا ومعنا، ألا شوقا إليهم". فصاح همام صيحة فوقع مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا، فغسل، وصلى عليه أمير المؤمنين رضي الله عنه ومن معه ١ "

قال الشيخ: ٢ " فهذه صفة شيعة أهل البيت النبوي التي وصفهم بها إمامهم، وهي صفة خواص المؤمنين لا من اشتغل بالتعصبات ٣، والترهات؛ لأن بتلك الصفات تظهر علامة


١ الصواعق المحرقة:١٥٤-١٥٥.
٢ نفس المصدر: ١٥٥.
٣ في الأصل: التعصيبات.

<<  <   >  >>