للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا بد من نقل سنته خلفاً عن سلف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد بذل الصحابة رضوان الله عليهم جهداً بالغاً في أداء هذا الواجب، فنقلوا لمن جاء بعدهم أقوال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأفعاله وما أقرَّ به، وكل ما له علاقة بهذا الدين، حتى غلب على الظن أنهم لم يتركوا شيئاً من سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بيّنوها لتابعيهم.

ولما فتحت الأمصار الإسلامية تفرق الصحابة رضوان الله عليهم، فمنهم من كان غازياً، ومنهم خرج في أرض الله هادياً ومرشداً. وقد كان لتفرقهم في البلاد، واختلاط الشعوب الإسلامية بغيرها أثر كبير، إذ مهّد هذا الأمر لأن ينال المغرضون من مكانة هذا الدين بتشويه معالم السنة بالتزوير واختلاق ما ليس منها.

ولما كان الخطأ بالنسبة لبني الإنسان أمراً فطرياً، فقد أدخل في السنة ما ليس منها سواء كان الباعث على ذلك خطأ متعمداً أو غير ذلك١ مما دعا النابهين من علماء الحديث إلى القيام بنقد الحديث النبوي الشريف نقداً علمياً يتبين من طريقه الكشف عن صحيح الحديث من ضعيفه أو مختلقه.

د- ميادين النقد:

استخدم العلماء النقد كأسلوب من أساليب البحث العلمي الدقيق في مختلف مجالات الحياة العلمية. فقد استخدمه أهله في علم الاجتماع، والأدب وغير ذلك من العلوم، ولكن برز أثر استخدام هذا المنهج بجلاء ووضوح تام في الحديث النبوي الشريف٢.

ولما كان المسلم معنياً بدراسة السنة النبوية دراسة واعية، كان لا بد من التثبت مما ينسب إلى صاحب التشريع صلى الله عليه وسلم، لذا توجه العلماء إلى استخدام هذا الفن بدقة علمية نالت إعجاب الباحثين.


١ مقدمة كتاب التمييز لمسلم، ص٧.
٢ انظر: نقد الحديث عند المحدثين، نشأته ومنهجه، ص٥.

<<  <   >  >>