للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شريفة وصفة مبالغة لما وصف بذلك. ثم يقال للإنسان الذي يورد ما تقل فائدته: هذا ليس بكلام. فقد بان بما ذكرته موضع المبالغة في قولهم: فلان متكلم. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إن من البيان لسحرا ". فأما ما جاء من قوله:

فصبحت والطير لم تكلم.

وقوله:

عجبت لها أني يكون غناؤها ... فصيحاً ولم تفغر بمنطقها فما

فمجاز لا حقيقة له. كما قيل:

إلى ملك أظلافه لم تشقق١

وكما أنشد سيبويه:

وداهية من دواهي المنون ... ترهبها الناس لا فالها٢

فجعل للداهية فما استعارة. وكشف هذا شاعر محدث فقال٣:

وسألت من لا يستجيب فكنت في استخباره ... كمجيب من لا يسأل

ويكشف هذا المعنى للمتأمل أن العرب لشرف الكلام عندهم وأن القليل المفيد منه عندهم كثير أنهم يقولون: وقال فلان في كلمته. إنما يريدون القصيدة. وكشف هذا المتأخر ما أريد فقال:


١ هذا عجز بيت للشاعر عقفان بن قيس بن عاصم وتمامه هكذا:
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها –
... إلى ملك أظلافه لم تشقق
٢ هذا البيت من رواية سيبويه والبيت للخنساء ومعنى لا فالها لا مدخل إلى معاناتها والتداوي منها أي هي داهية مشكلة.
٣ البيت للبحتري.

<<  <   >  >>