للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن كل صناعة من الصناعات فكمالها بخمسة أشياء على ما ذكره الحكماء الموضوع وهو الخشب في صناعة النجارة والصانع وهو النجار والصورة وهي كالتربيع المخصوص إن كان المصنوع كرسياً والآلة مثل الميشار والقدوم وما يجري مجراهما والغرض وهو أن يقصد على هذا المثال الجلوس فوق ما يصنعه.

وإذا كان الأمر على هذا ولا تمكن المنازعة فيه وكان تأليف الكلام المخصوص صناعة وجب أن نعتبر فيها هذه الأقسام. فنقول:

إن الموضوع هو الكلام المؤلف من الأصوات على ما قدمته. وقد ذكرت فيه ما يقنع طالب هذا العلم وشرحت من حال اللفظة بانفرادها وما يحسن فيها ويقبح ما اعتمدت في تلخيصه وإيضاحه على أنني لم أرجع فيه إلى كتاب مؤلف ولا قول يروى ولا وجدت ما ذكرته مجموعا في مكان وإنما عرفته بالدربة وتأمل أشعار الناس وما نبه أهل العلم في أثباتها ولهذا لست أدعي السلامة من الخلل ولا العصمة من الزلل وأعترف بالتقصير وأسأل من ينظر في كتابي هذا بسط عذري والصفح عما لعله يثيره مسلكا صعبا وألفت منه تأليفاً مقتضباً يجب على المنصف الإعراض عما يجدني أشير إلى التجاوز عنه والتغمد له١.

فأما الصانع المؤلف فهو الذي ينظم الكلام بعضه مع بعض كالشاعر والكاتب وغيرهما وسأذكر بعون الله في موضع من هذا الكتاب ما يفتقر المؤلف إلى معرفته ويحتاج إلى علمه.

وأما الصورة فهي كالفصل للكاتب والبيت للشاعر وما جرى مجراهما.


١ التغمد له: التغاضي عنه.

<<  <   >  >>