للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحديث الذي استدلوا به رواه مسلم من طريق همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ: "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه" (١) .

وهو الحديث الوحيد الصحيح فيما أعلم الناهي عن كتابة الأحاديث النبوية، ووردت أحاديث عديدة صحيحة في الأمر بكتابة الأحاديث النبوية والرخصة فيها.

وقد سلك أهل العلم في دفع ظاهر التعارض بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى مسالك متعددة:

المسلك الأول: مسلك الترجيح لأحاديث الإذن على حديث النهي.

وقد وهَّم الإمام البخاري (٢) ، والإمام أبو داود (٣) همَّاماً في رفع هذا الحديث وصوَّبا وقفه على أبي سعيد الخدري، ولا تعارض بين حديث موقوف وأحاديث مرفوعة.

المسلك الثاني: مسلك النسخ، وهو القول بأن أحاديث الإذن متأخرة عن حديث النهي ناسخة له، وقد ذهب إلى ذلك ابن شاهين (٤) وآخرون.

المسلك الثالث: مسلك الجمع بينهما وفيه طرائق:

قال البيهقي: "لعله إن شاء الله أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان، ونهى عن الكتابة عنه لمن وثق بحفظه، أو نهى عن الكتابة عنه من


(١) صحيح مسلم (٣٠٠٤) كتاب الزهد والرقائق، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم.
(٢) فتح الباري ١ / ٢٠٨.
(٣) تحفة الأشراف ٣ / ٤٠٨.
(٤) ناسخ الحديث ومنسوخه ٤٧٢.

<<  <   >  >>