للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البخاري بسنده عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر)) (١) .

وروى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك من حديث أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتاباً، قال: فقال عبد الله: بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً:قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولاً يعني قسطنطينية" (٢) .

ففي هذه الأحاديث وغيرها كثير دليل صريح على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتبون الأحاديث النبوية، وقد كانت لبعضهم صحائف مثل صحيفة عبد الله بن عمرو وصحيفة جابر بن عبد الله.

هذا وقد أحصى الدكتور محمد مصطفى الأعظمي الصحابة الذين كانوا يكتبون أو كانت لهم صحف فبلغ عددهم اثنين وخمسين صحابيا (٣) .

هذا جيل الصحابة فإذا جئنا إلى جيل التابعين نجد أن الكتابة انتشرت


(١) صحيح البخاري (١١١) ، وأخرجه مسلم (١٣٧٠) بسنده عن إبراهيم بن التيمي عن أبيه يزيد بن شريك عن علي محلّ الشاهد والديات وأشياء أخرى زائدة عل ما في رواية أبي جحيفة.
(٢) المسند (١١ / ٢٤٤) ، والمستدرك (٤ / ٥٥٥) ، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤) ، وقال: فيه دليل على أن الحديث كتب في عهده صلى الله عليه وسلم خلافا لما يظنه بعض الخراصين.
(٣) دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه ٩٢ – ١٤٢.

<<  <   >  >>