للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والِمحَال المذكور في الآية "فسِّر بالكيد، والمكر"١. وهذا يدل على أن "إطلاق هذه الألفاظ عليه – سبحانه – لا يتوقف على إطلاقها على المخلوق"٢، ومن ذلك قوله: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون} [الأعراف: ٩٩] ٣، ومنه أيضاً قوله – تعالى –: {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم: ٤٥] ، أما من حيث الأفعال، والأسماء "فلا يجوز إطلاق أفعالها على الله مطلقاً، فلا يقال: إنه – تعالى – يمكر، ويخادع، ويستهزئ، ويكيد"، و "كذلك بطريق الأولى لا يشتق له منها أسماء يسمى بها"٤، فإن أسماءه كلها حسنى.

وقوله: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: ١٤٩] ،

وقوله: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور: ٢٢] ،

وقوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨] ،

وقوله عن إبليس: {فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢] ،

في هذه الآيات إثبات صفة العفو، والمغفرة، والرحمة لله – تعالى-، فإنه "لما كان قد ثبت بالقرآن أنه غفار للتائبين، رحيم بالمؤمنين، علم أنه موصوف بالمغفرة، والرحمة"٥.

وفيها إثبات العزة لله – تعالى _، ومعنى هذه الصفة الكريمة دائر


١ مختصر الصواعق المرسلة (٢/٣٠) .
٢ المصدر السابق (٢/٣٥) .
٣ المصدر السابق.
٤ المصدر السابق (٢/٣٤) .
٥ منهاج السنة النبوية (٣/١٠٢) ، وانظر: مجموع الفتاوى (٨/٣٠٨) .

<<  <   >  >>