للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واستواء الله – تعالى – على عرشه هو علوه عليه، لكن "الاستواء علو خاص، فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء مستوياً عليه، ولهذا لا يقال لكل ما كان عالياً على غيره إنه مستو عليه، واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه: إنه استوى على غيره فإنه عال عليه، والذي أخبر الله أنه كان بعد خلق السماوات، والأرض الاستواء لا مطلق العلو" "فالأصل أن علوه على المخلوقات وصف لازم له كما أن عظمته وكبرياءه، وقدرته كذلك، وأما الاستواء فهو فعل يفعله – سبحانه، وتعالى – بمشيئته، وقدرته"١. "فالاستواء من الألفاظ المختصة بالعرش لا تضاف إلى غيره لا خصوصاً، ولا عموماً"٢. ولذلك "اتفق المسلمون على أن يقال: استوى على العرش، ولا يقال استوى على هذه الأشياء"٣ أي: على البحار، والأرض، وغيرها.

وقد ضل في هذه الصفة طوائف، فأنكروا الاستواء، وسبب ذلك "أن عامة من ينكر هذه الصفة، وأمثالها إذا بحثت عن الوجه الذي أنكروه وجدتهم قد اعتقدوا أن ظاهر هذه الآية كاستواء المخلوقين، أو استواء يستلزم حدوثاً، ونقصاً، ثم يقولون: فيتعين تأويله: إما بالاستيلاء، أو بالظهور، والتجلي، أو بالفضل، والرجحان الذي هو علو القدر، والمكانة"٤.

وتأويل الاستواء بالاستيلاء مردود من عدة وجوه، فهو باطل من حيث اللغة، واللسان، ومن حيث ما نقل عن السلف، فإن "أهل السنة، وسلف الأمة متفقون على أن من تأول استوى بمعنى استولى، أو بمعنى آخر ينفي أن يكون الله فوق سماواته فهو جهمي ضال"٥.


١ مجموع الفتاوى (٥/٥٢٢ – ٥٢٣) .
٢ المصدر السابق (١٧/٣٧٦) .
٣ المصدر السابق (٥/١٤٥) .
٤ التسعينية (٢/٥٦٧ – ٥٦٨) ، وانظر: مجموع الفتاوى (١٦/٣٩٥) .
٥ المصدر السابق (٢/٥٤٥) .

<<  <   >  >>