للعمل لا يحبط إلا بشرط الموت عليه فإنه لا يحبط الكفر الطارئ إلا بشرط الموت أحرى وأولى لأن بقاء الشيء أولى من ابتدائه وحدوثه والدفع أسهل من الرفع ولهذا قالوا الردة والإحرام والعدة تمنع ابتداء النكاح دون دوامه كيف وتلك الأعمال حين عملت عملت لله سبحانه وقد غفر الله ما كان بعدها من الكفر بالتوبة منه.
ومن أصحابنا من قال يحبط العمل مطلقا لكن قال الإحباط هو إحباط الثواب لا إبطال العمل في نفسه بدليل أنه لا ينقض ما قبل الردة من الأمور المشروطة بالإسلام كالحكم والولاية والإرث والإمامة والذبح فلا تبطل صلاة من صلى خلفهم ولا يحرم ما ذبحه قبل الردة ولا يلزم من بطلان ثوابه مما فعله سقوط الواجب الذي لم يفعله فإن الردة تناسب التشديد لا التخفيف.
ثم نقول فعل المكتوبة له فائدتان إحداهما: أنه يقتضي الثواب.
والثانية: أنه يمنع العقاب الواجب بتقدير الترك فإذا ارتد ذهبت فائدة واحدة وهي الثواب وبقيت الأخرى وهي منع العذاب على الترك بحيث لا يعذب من فعل ويحبط عمله على نفس ما فعله من الخير وإنما يعذب على الكفر المحبط كما يعذب من لم يفعل وهذا الخلل يتعين جبره وإلا عوقب على الترك وهذا معنى ما يجيء في كثير من الأعمال الواجبة أنها غير مقبولة أي لا ثواب فيها وأن أبرأت الذمة بحيث لولا الفعل لكان مكلفا ولولا السبب المانع من القبول لكان فيها ثواب ولهذا قلنا إذا أتى قبل الردة ما يوجب الحد من زنى أو سرقة وغيرهما فإنه يقام عليه الحد بعد الإسلام الثاني نص عليه بخلاف من أقيم عليه الحد قبل