كان طول القنوت مستحبا في نفسه ولذلك كان يخفف الصلاة إذا سمع بكاء الصبي لما يعلم من وجل أمه به وكان يطيل الركعة الأولى حتى لا يسمع وقع قدم ولأنه يستحب انتظار الداخل في الركوع كل ذلك رعاية لحال المأمومين ولان التأخير إذا كان لمصلحة راجحة مثل الصلاة بوضوء والصلاة جماعة أو أن يكون امتثالا لأمر أبيه أو سيده أو شبه ذلك كان أفضل من التقديم وهي هنا كذلك لما تقدم.
فإن قيل فما الفرق بين الفجر والعشاء وسائر الصلوات.
قلنا الفجر والعشاء يكون النوم في بعض أوقاتهما فيشق فعلهما في وقت النوم وأما غيرهما من الصلوات فإن جميع أوقاتها سواء فكان التقديم متعينا بل ربما كان في الصلاة آخر الوقت أو وسطه مشقة عليهم حتى لا ينضبط فأما هنا فإن الأسفار وقت منضبط حتى لو كان جماعة في مكان قد تهيا بعضهم لصلاة الظهر أو العصر أو المغرب وبعضهم لم يتهيأ استحببنا التأخير بحيث يتهيأ الجميع طردا للقاعدة.
وبين الفجر والعشاء فرق وهو العشاء المستحب فيها التأخير وإنما تقدم إذا شق على المصلين تأخيرها والغالب حصول المشقة بذلك والفجر المستحب فيها التقديم وإنما يؤخر إذا شق على المأمومين تقديمها وليس الغالب حصول المشقة بذلك وفرق بين الاستحباب