والقواعد كسائر فروع الشريعة إذ ذاك لم تكن قد فرضت الأصول والقواعد.
ثم أن الاهتمام في أول الأمر بجمل الشرائع وكلياتها دون الواحد من تفاصيلها والجزء من جزئياتها هو المعروف من طريقة القران وهو الواجب في الحكمة ثم ثياب النبي صلى الله عليه وسلم لم تعرض لها نجاسة إلا أن تكون في الأحيان فتخصيصها بالذكر دون طهارة البدن وغيره مع قلة الحاجة وعدم الاختصاص بالحكم في غاية البعد وإذا حملت الآية على الطهارة من الرجس والاثم والكذب والغدر والخيانة والفواحش كانت قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة والكناية بطهارة الثياب عن طهارة صاحبها من الفواحش والكذب والخيانة ونحو ذلك مشهور في لسان العرب غالب في عرفهم نظما ونثرا كما قال.
ثياب بني عوف طهارى نقية.
وقال الآخر.
وإني بحمد الله لا ثوب غادر.
لبست ولا من خزية اتقنع.
حتى إذا قيل فلان طاهر الثياب طاهر الذيل لم يفهم منه عند الاطلاق إلا ذلك فيكون قد صار ذلك حقيقة عرفية كما صار المجيء من الغائط حقيقة في قضاء الحاجة وكما صار مسيس النساء ومباشرتهن حقيقة في الجماع فيجب حمل الكلام عليه ولذلك وجهان.
أحدهما: أن اللباس يضاف إليه من الحكم ويقصد به الاضافة إلى الإنسان نفسه للعلم بان المقصود من الثوب لا نفس الثوب ويجعل ذلك نوعا من الكناية كما قال الانصار للنبي صلى الله عليه وسلم: "لنمنعنك مما نمنع