والتغليظ في الشرك لأن الكفر الناقل عن الملة والشرك الذي لا يغفره الله والنفاق الموجب للدرك الأسفل من النار لا يثبت بمجرد هذه الأفعال عند أحد من أهل السنة لكن عند الخوارج والمعتزلة الذين تأولوا ظاهر هذا الكلام على وفق رأيهم واعرضوا عما سواه مما يفسره ويبين معناه الذي هو خلاف الإيمان.
قيل الكفر المطلق لا يجوز أن يراد به إلا الكفر الذي هو خلاف الإيمان لأن هذا هو المعنى الشرعي ولا سيما إذا قوبل بالإيمان فإنه يجب حمله على ذلك ثم لو صح هذا في بعض المواضع فهنا إنما أراد به الكفر المخالف للإيمان كما نص عليه في الحديث وكما سيأتي تفسيره أن شاء الله تعالى.
وأما تأويله بكفر النعمة فساقط في جميع هذه المواضع ولذلك لم ينقل هذا عن السلف لأن كفر النعمة أن أريد به جحد إنعام الله عليه فهذا كفر صريح مع أن هذه المواضع ليس فيها ما يتضمن جحد الإنعام بخصوصه وأن أريد به التقصير في الشكر فليس بعض الأعمال بهذا أولى من بعض بل كل من ترك شيئا من الفرائض فقد قصر في شكر نعمة الله فينبغي أن يسمى كافرا على هذا الوجه ثم إنه لا مناسبة بين ذلك وبين أكثر هذه المواضع لمن تدبره من الدلالات الكثيرة في الكتاب والسنة.
والإجماع على ثبوت أصل الإيمان مع وجود هذه الأعمال وربما حمله بعضهم على مقارنة الكفر لذلك ومن الناس من يحمل الترك عمن تركها جاحدا غير مقر بوجوبها ولا يستلزمها في الجملة ويكون تخصيصها بالذكر لعموم فرضها زمانا ومكانا وحالا ومحالا.