القبلة مبني على العمل بالأقوى فلم يجز العمل بالاضعف كما لو تعارضت الأدلة عند المجتهد فإنه يجب عليه العمل باقواها وكما لو اخبر المحبوس والأعمى رجلان كل مهما يزعم أنه يخبره عن علم بجهة القبلة واختلفا فإنه يجب عليه أن يعمل باصدقهما واوثقهما ولأنه عمل بالمرجوح فيما لم يبن على التوسعة والرخصة فلم يجز كالعمل بالدلالة الضعيفة.
وأما تقليد المفتين فإن ابن عقيل وغيره سووا بينهما في وجوب تقليد اوثقهما في نفسه وهو احدى الروايتين طردا للقياس قالوا لأن الحق في جهة واحدة وعلى المكلف أن يطلبه بأقوى الأدلة في نفسه واقوال المفتين للعامي كالأدلة الخاصة للمجتهد وله نوع اجتهاد فيمن يقلده فكما وجب على المجتهد رايه في ادلة الأحكام أن يتبع أقوى الدلالتين كذلك يجب على المجتهد رايه في اقوال المفتين أن يتبع اوثق القائلين وأكثر أصحابنا جوزوا له تقليد من شاء وهو أشهر الروايتين إذا لم يكن من أحد الجانبين نص ونحوه.
ثم أن طائفة من أصحابنا منهم ابن عقيل وأبو بكر الدينوري ذكروا رواية عن أحمد أن كل مجتهد مصيب بناء على اذنه لبعض من استفتاه أن يقلد غيره من المفتين إذا افتاه بخلاف قوله وصنف رجل كتابا سماه كتاب الاختلاف فقال سمه كتاب السعة ولا تسمه كتاب الاختلاف وقال لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه قال ولو كان يعتقد أنهم على خطأ لما دل عليهم وأمر بالاستفتاء لهم وبنى الدينوري على