استفتائه ولا ينهاه أن يعمل باجتهاده بل قد يؤمر باستفتائه أما لأن الحكم يختلف باختلاف الاجتهادات كما يقوله من يعتقد كل مجتهد مصييب ولأن الناس لم يكلفوا إلا ما يقتضيه رأيهم وأن كان في الباطن أشبه كما يقول أصحاب الشبه أو لم يكلفوا إلا طلب ما هو الحق في الباطن سواء اصابوه أو اخطاوه وقد عفي عنهم إذا اخطاوه.
أو لأنه وأن كان مخطئا في اجتهاده وحكمه فإن الله تعالى رفع الحرج فيها عن المخطىء وجعل له اجرا على اجتهاده اقرارا لكل ذي راي على رأيه مع أن الحق عند الله واحد بخفاء مدركها وخفة امرها ومشقة اصابة الحق فيها وعموم الرحمة والمصلحة في تيسير ذلك وتفاقم الفساد من هدم بعض الاجتهادات ببعض وهذان القولان هما اللذان يقولهما أصحابنا وأن كان الأول قد حكي في المذهب أيضا وهذا الواقع في احكام الشريعة لا يلزم مثله في قبله يقع في الدهور مرة ولا يلزم العفو فيما تعم به البلوى العفو عما لا تعم به البلوى.
فان اتفقا على الجهة واختلفا في العين فقال أحدهما: تنحرف يمينا وقال الآخر تنحرف شمالا فقال القاضي في الجامع أن قلنا المطلوب العين لم يجز له أن يتبعه وأن قلنا المطلوب الجهة وهو الصحيح من قوله جاز له أن يتبعه وقال في المجرد وغيره من أصحابنا من يجوز الائتمام هنا مطلقا وهذا أصح لانا أن قلنا المطلوب العين فإن الانحراف اليسير مع الخطا معفو عنه بكل حال بالإجماع والصلاة إلى قبلة واحدة في مثل هذه الحال.