١ ـ أهل السنة والماتريدية: إن من أفعال العباد ما يُعلم حسنها وقبحها بالعقل ومنها ما يُعلم بالشرع، الدليل على الأول:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[الأنعام: ٣٣] ، {قُلْ أمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}[الأعراف: ٢٩] فيعلم بالفطرة قبح الظلم والخيانة وحسن الصدق والأمانة، أما الثواب والعقاب وتفاصيل الشرائع شرعي لا يعرف بالعقل:{قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}[الأنبياء: ٤٥] ، {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}[سبأ: ٥٠] .
٢ ـ المعتزلة: إن الأفعال لا يعلم حسنها وقبحها إلا من العقل، فخالفوا النصوص:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء: ١٥] .
٣ ـ الأشاعرة: التحسين والتقبيح شرعي فقط وليس للأفعال حسن ولا قبح لذاتها، فخالفوا:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧] .
* ما يبنى على هذه المسألة: لما اتفق الأشاعرة والمعتزلة على نفي المحبة والرضا والسخط والفرح.. وغيرها واتفقوا على تنزيه الله عن فعل ما هو قبيح اختلفوا في سبب ذلك:
١ ـ الأشاعرة: القبيح في حق الله ممتنعٌ لذاته، فكلّ ما كان داخلاً في قدرة الله فهو حسنٌ وله فعله كتعذيب الطائعين وإكرام الكافرين.
٢ ـ المعتزلة: الله منزّه عن القبيح لمجرّد كونه قبيحاً عقلاً، وكلّ ما قبّحه العقل فالله منزّه عنه مع قدرته عليه، ومن هنا أدخلوا نفي القدر في العدل.
• سادساً ـ النظر في القدر دون الشرع: النظر إلى الحقيقة الكونية دون الحقيقة الشرعية (أمره ونهيه) مخالفٌ للحس والعقل:
١ ـ الحس والذوق: إن التمييز بين ما ينفع الإنسان ويضرّه هو الحقيقة الشرعيّة الدينيّة، ومن ظنّ أنّ البشر ينتهي إلى حد يستوي عنده الأمران دائماً فقد خالف ضرورة الحس "حتى السكر والإغماء والنوم لا يسقط الإحساس بالكلية".