شق الله هذه السموات، وأقام القيامة، وأدخل أهل الجنة الجنة، قال تعالى:{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا}[مريم: ٦٢] ، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ـ تبارك وتعالى ـ يتجلى لعباده المؤمنين يوم الجمعة، وأن أعلاهم منزلة من يرى الله ـ تعالى ـ كل يوم مرتين، وليس في الجنة شمس ولا قمر، ولا هناك حركة فلك، بل ذلك الزمان مقدر بحركات، كما جاء في الآثار أنهم يعرفون ذلك بأنوار تظهر من جهة العرش.
وإذا كان مدلول الدليل العقلي أنه لا بد أنه قديم تقوم به الأفعال شيئًا بعد شيء، فهذا إنما يناقض قول المبتدعة من أهل الملل الذين ابتدعوا الكلام المحدث ـ الذي ذمه السلف والأئمة ـ الذين قالوا: إن الرب لم يزل معطلا عن الفعل والكلام. فصار ما علمته العقلاء من أصناف الأمم من الفلاسفة وغيرهم بصريح المعقول، هو عاضد وناصر لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على من ابتدع في ملته ما يخالف أقواله.
وكان ما علم بالشرع ـ مع صريح العقل أيضًا ـ راد لما يقوله الفلاسفة الدهرية من قدم شيء من العالم مع الله، بل القول بقدم العالم قول اتفق جماهير العقلاء على بطلانه، فليس أهل الملة وحدهم تبطله، بل أهل الملل كلهم، وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين، مشركي العرب، ومشركي الهند وغيرهم من الأمم. وجماهير أساطين الفلاسفة كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث كائن بعد أن لم يكن، بل وعامتهم معترفون بأن الله خالق كل شيء، والعرب المشركون كلهم كانوا يعترفون بأن اللّّه خالق كل شيء وأن هذا العالم كله مخلوق، والله خالقه وربه، وهذه الأمور مبسوطة في موضعها.
والمقصود هنا الكلام على ما يحتاج إليه من معرفة [حديث النزول] وأمثاله، وهما [الأصلان المتقدمان] . ومن تمام الأصل الثاني لفظ [الحركة] : هل يوصف الله بها أم يجب نفيه عنه؟
اختلف فيه المسلمون، وغيرهم من أهل الملل، وغير أهل الملل من أهل الحديث وأهل الكلام، وأهل الفلسفة وغيرهم على ثلاثة أقوال. وهذه الثلاثة موجودة في أصحاب الأئمة الأربعة من