للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢] , نؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف، فلو شاء ـ سبحانه ـ أن يبين كيف ذلك فعل؛ فانتهينا إلى ما أحكمه , وكففنا عن الذي يتشابه , إذ كنا قد أمرنا به في قوله: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران: ٧] . وروى عبد الرحمن بن منده بإسناده عن حرب بن إسماعيل , قال: سألت إسحاق ابن إبراهيم , قلت: حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ينزل الله إلى السماء الدنيا) قال: نعم ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا كما شاء وكيف شاء، وقال: عن حرب: لا يجوز الخوض في أمر اللَّه ـ تعالى ـ كما يجوز الخوض في فعل المخلوقين؛ لقول اللَّه تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] . وروى ـ أيضًا ـ عن حرب قال: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الحديث والأثر وأهل السنة المعروفين بها، وهو مذهب أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والحميدي وغيرهم. كان قولهم: إن اللَّه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء , {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: ١١] . وروي ـ أيضًا ـ عن حرب: قال: قال إسحاق بن إبراهيم: لا يجوز لأحد أن يتوهم على الخالق بصفاته وأفعاله توهم ما يجوز التفكر والنظر في أمر المخلوقين؛ وذلك أنه يمكن أن يكون موصوفًا بالنزول كل ليلة إذا مضى ثلثاها إلى السماء الدنيا كما شاء، ولا يسأل كيف نزوله؛ لأنه الخالق يصنع كيف شاء.وروى ـ أيضًا ـ عن محمد بن سلام، قال: سأل فضالةُ عبدَ الله بن المبارك عن النزول ليلة النصف من شعبان؛ فقال عبد الله: يا ضعيف، تجد خداي خوشيركن ينزل كيف شاء.

<<  <   >  >>