وصف الله له بالصبر وقال سيد الصابرين صلوات الله وسلامه عليه "اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتى ... الخ".
وقال موسى صلوات الله وسلامه عليه "اللهم لك الحمد واليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة الا بك".
والنوع الثانى شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال فهذه لا تجامع الصبر بل تضاده وتبطله فالفرق بين شكواه والشكوى اليه وسنعود لهذه المسألة في باب اجتماع الشكوى والصبر وافتراقهما ان شاء الله تعالى.
وقيل الصبر شجاعة النفس ومن ها هنا أخذ القائل قوله الشجاعة صبر ساعة وقيل الصبر ثبات القلب عند موارد الاضطراب والصبر والجزع ضدان ولهذا يقابل أحدهما بالآخر قال تعالى عن أهل النار:{سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} والجزع قرين العجز وشقيقه والصبر قرين الكيس ومادته فلو سئل الجزع من أبوك لقال العجز ولو سئل الكيس من أبوك لقال الصبر والنفس مطية العبد التى يسير عليها إلى الجنة أو النار والصبر لها بمنزلة الخطام والزمام للمطيه فإن لم يكن للمطيه خطام ولا زمام شردت في كل مذهب.
وحفظ من خطب الحجاج "اقدعوا هذه النفوس فإنها طلعة إلى كل سوء فرحم الله امرءا جعل لنفسه خطاما وزماما فقادها بخطامها إلى طاعة الله وصرفها بزمامها عن معاصى الله فإن الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه".
قلت والنفس فيها قوتان قوة الإقدام وقوة الإحجام فحقيقة الصبر ان يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه وقوة الإحجام إمساكا عما يضره ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباته عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي