وذكر سعيد بن منصور أن ابى بكر الصديق رضى الله عنه سجد حين جاءه قتل مسيلمة وذكر أحمد أن عليا رضى الله عنه سجد حين وجد ذا الثدية في الخوارج وسجد كعب بن مالك في عهد النبي لما بشر بتوبة الله عليه والقصة في الصحيحين
فإن قيل فنعم الله دائما مستمرة على العبد فما الذى اقتضى تخصيص النعمة الحادثة بالشكر دون الدائمة وقد تكون المستدامة أعظم قيل الجواب من وجوه أحدها أن النعمة المتجددة تذكر بالمستدامة والانسان موكل بالأدنى
الثاني أن هذه النعمة المتجددة تستدعي عبودية مجددة وكان أسهلها على الانسان وأحبها إلى الله السجود شكرا له
الثالث أن المتجددة لها وقع في النفوس والقلوب بها أعلق ولهذا يهنى بها ويعزى بفقدها
الرابع أن حدوث النعم توجب فرح النفس وانبساطها وكثيرا ما يجر ذلك إلى الأشر والبطر والسجود ذل لله وعبودية وخضوع فإذا تلقى به نعمته لسروره وفرح النفس وانبساطها فكان جديرا بدوام تلك النعمة وإذا تلقاها بالفرح الذى لا يحبه الله والاشر والبطر كما يفعله الجهال عندما يحدث الله لهم من النعم كانت سريعة الزوال وشيكة الانتقال وانقلبت نقمة وعادت استدراجا وقد تقدم أمر النجاشى فان الله اذا احدث لعبده نعمة أحب أن يحدث لها تواضعا وقال العلاء بن المغيرة بشرت الحسن بموت الحجاج وهو مختف فخر لله ساجدا
فصل ومن دقيق نعم الله على العبد التى لا يكاد يفطن لها انه يغلق عليه بابه فيرسل الله اليه من يطرق عليه الباب يسأله شيئا من القوت ليعرفه نعمته عليه وقال سلام بن أبى مطيع دخلت على مريض أعوده فاذا هو يئن