للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرحمن وجهاده ونفقاته العظيمة وصدقاته تقتضى دخوله مع المارين كالبرق أو كالطرف أو كأجاويد الخيل ولا يدعه يدخلها زحفا

فصل: والله سبحانه كما هو خالق الخلق فهو خالق ما به غناهم وفقرهم فخلق الغنى والفقر ليبتلى بهما عباده أيهم أحسن عملا وجعلهما سببا للطاعة والمعصية والثواب والعقاب قال تعالى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}

قال ابن عباس رضى الله عنهما بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام وكلها بلاء

وقال ابن يزيد نبلوكم بما تحبون وما تكرهون لننظر كيف صبركم وشكركم فبما تحبون وما تكرهون وقال الكلبى بالشر بالفقر والبلاء والخير بالمال والولد فأخبر سبحانه أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان وقال تعالى {فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ} فأخبر سبحانه أنه يبتلى عبده بإكرامه له وبتنعيمه له وبسط الرزق عليه كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه وان كليهما ابتلاء منه وامتحان ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته اكرام من الله لعبده وان تضييقه عليه اهانة منه له فقال كلا أى ليس الامر كما يقول الانسان بل قد أبتلى بنعمتى وأنعم ببلائى

واذا تأملت ألفاظ الآية وجدت هذا المعنى يلوح على صفحاتها ظاهرا للمتأمل وقال تعالى وهو الذى جعلكم خلائف الارض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم وقال تعالى {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} فأخبر سبحانه أنه زين الارض بما عليها من المال وغيره للابتلاء والامتحان كما أخبر أنه خلق الموت والحياة لذلك وخلق السموات والارض لهذا الابتلاء أيضا

<<  <   >  >>