للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاد فقد أنكر ربوبيته سبحانه ونفى أن يكون رب العالمين

والمقصود أنه سبحانه وتعالى خلق الغنى والفقر مطيتين للابتلاء والامتحان ولم ينزل المال لمجرد الاستمتاع به كما فى المسند عنه قال: يقول الله تعالى: "انا نزلنا المال لاقام الصلاة وايتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد من مال لابتغى اليه ثانيا ولو كان له ثان لابتغى له ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب " فأخبر سبحانه انه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقه بالصلاة واقامة حق عباده بالزكاة لا للاستمتاع والتلذذ كما تأكل الانعام فاذا زاد المال عن ذلك أو خرج عن هذين المقصودين فان الغرض والحكمة التى أنزل لها كان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذى امتلأ به بما خلق له من الايمان والعلم والحكمة فانه خلق لان يكون وعاء لمعرفة ربه وخالقه والايمال به ومحبته وذكره وانزل عليه من المال ما يستعين به على ذلك فعطل الجاهل بالله وبأمر الله وبتوحيد الله وبأسمائه وصفاته جوفه عما خلق له وملأه بمحبة المال الفانى الذاهب الذى هو ذاهب عن صاحبه أو بالعكس وجمعه والاستكثار منه ومع ذلك فلم يمتلىء بل ازداد فقرا وحرصا الى أن امتلأ جوفه بالتراب الذى خلق منه فرجع الى مادته الترابية التى خلق منها هو وماله ولم تتكمل مادته بامتلاء جوفه من العلم والايمان الذى بهما كماله وفلاحه وسعادته فى معاشه ومعاده فالمال ان لم ينفع صاحبه ضره ولا بد وكذلك العلم والملك والقدرة كل ذلك ان لم ينفعه ضره فان هذه الامور وسائل لمقاصد يتوسل بها اليها فى الخير والشر فان عطلت عن التوسل بها الى المقاصد والغايات المحمودة توسل بها الى أضدادها

فأربح الناس من جعلها وسائل الى الله والدار الآخرة وذلك الذى ينفعه فى معاشه ومعاده وأخسر الناس من توسل بها الى هواه ونيل شهواته وأغراضه العاجلة فخسر الدنيا والآخرة فهذا لم يجعل الوسائل مقاصد ولو جعلها كذلك لكان خاسرا لكنه جعلها وسائل الى ضد ما جعلت له فهو

<<  <   >  >>