"إن فقراء المسلمين ليدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار أربعين خريفا حتى يتمنى أغنياء المسلمين يوم القيامة أنهم كانوا فقراء فى الدنيا"
قلت هذا الحديث ثابت عن النبى من رواية جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وروى عن أبى سعيد وأنس بن مالك ولا يدل ذلك على علو درجتهم اذا دخلوا الجنة قبل الاغنياء بل انما يدل على السبق لعدم ما يحاسبون عليه ولا ريب أن ولي الأمر العادل يتأخر دخوله للحساب وكذلك الغنى الشاكر ولا يلزهم من تأخر دخولهما نزول درجتهما عن درجة الفقير كما تقدم وانما تمنى الأغنياء أنهم كانوا فى الدنيا فقراء فان صحت هذه اللفظة لم تدل على انحطاط درجتهم كما يتمنى القاضى العادل فى بعض المواطن يوم القيامة أن لم يقض بين اثنين فى تمرة لما يرى من شدة الامر فمنزلة الفقر والخمول ومنزلة السلامة ومنزلة الغنى والولاية ومنزلة الغنيمة أو العطب قال أبو الحسن وروى ابن عمر أن النبى قام فى أصحابه فقال:"أى الناس خير فقال بعضهم غنى يعطى حق نفسه وماله فقال: نعم الرجل هذا وليس به ولكن خير الناس مؤمن فقير يعطى على جهد".
قلت لم يذكر لهذا الحديث إسناد فينظر فيه وحديث لا يعلم حاله لا يحتج به ولو صح لم يكن فيه دليل لأنه تضمن تفضيل فقير يتصدق من جهد فمعه فقر الصابرين وغنى الشاكرين فقد جمع بين موجب التفضيل وسببه ولا ريب أن هذا أفضل الاقسام الثلاثة ودرهمه الواحد يسبق مائة الف درهم من غيره كما قال النبى:"سبق درهم مائة ألف درهم" قالوا يا رسول الله كيف سبق درهم مائة ألف درهم قال رجل كان له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به وآخر له مال كثير فأخذ من عرضه مائة الف فتصدق بها" رواه النسائى من حديث صفوان بن عيسى حدثنا بن عجلان عن زيد بن أسلم عن ابى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه
وذكر البيهقى من حديث الثورى عن أبى اسحاق عن الحارث عن