وكذلك الراهب صبر على التمسك بالحق حتى نشر بالمنشار. وكذلك كثير من الناس لما آمنوا بالله تعالى، ورسخ الإيمان في قلوبهم صبروا على الطرح في النار، ولم يرجعوا عن دينهم. وهذا كله فوق ما كان يفعل بمن آمن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لم يكن فيهم من فعل به شيء من ذلك، لكفاية الله لهم ولأن الله أراد إعزاز دينه وإظهار كلمته. على أني أقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم أقوى الأنبياء في الله وأصحابه أقوى أصحاب الأنبياء في الله تعالى، فقد امتحن كثير منهم بالقتل وبالصلب وبالتعذيب الشديد ولم يلتفت إلى شيء من ذلك وتكفيك قصة عاصم وخبيب وأصحابه، وما لقي أصحابه من الحروب، والمحن والأسر والحرق وغير ذلك. فلقد بذلوا في الله نفوسهم وأموالهم وفارقوا ديارهم وأولادهم، حتى أظهروا دين الله، ووفوا بما عاهدوا عليه الله، فجازاهم الله أفضل الجزاء ووفاهم من أجر من دخل الإسلام بسببهم أفضل الإجزاء" المفهم (٧/٤٢٦) .