ابن عيسى بن سورة الإمام الترمذي (ت٢٧٩هـ) حيث استخدم ولأوّل مرة طريقة عزو أحاديث الباب إلى عدد من الرّواة، فيذكر بعد إيراد الأحاديث في الباب، وفي الباب عن فلان، عن فلان)) .
وذكر د. عبد الصمد بقوله:((ولعلّ أول من يمكن أن ننسب إليه نشأة هذا العلم وتأسيسه هو: الإمام أبو عيسى الترمذي في كتابه «الجامع» حيث يقول عقب الأحاديث التي يوردها وفي الباب عن فلان وعن فلان ...، فصنيعه بالنسبة لذلك الوقت يُعد تخريجاً ... ونسبنا إليه نشأة هذا العلم مع وجوده في كلام الأئمة السابقين له وفي وقته؛ لأنّه هو الذي التزم به كمنهج اتبعه في كتاب يُروى عنه، فكان بزوغ فجر التخريج – في اعتبارنا – على يديه رحمه الله)) .
فأقول: إنّ ما يذكره الترمذي، وفي الباب عن فلان وعن فلان، ليس إلاّ مفتاحاً للتخريج ونواة أوّلية، ولا يُعدّ محاولة لوضع ضوابط لهذا العلم، كما ذكر د. عبد الموجود، ولا أول مؤسس ومنشئ لعلم التخريج لا على طريقة المتقدمين ولا على طريقة المتأخرين كما هو معلوم، بل يتطلب ما ذكره أولا البحث عن متن حديث الصحابي ثم عن إسناده ومن خرّجه، فكل هذه الأمور، بجانب جمع طرقه والوصول إلى حكمه يُسمّى تخريجاً، وليس مجرد القول: عن فلان يقال له التخريج، والله أعلم.
بعد هذا العرض حول نشأة التخريج وتطوره أشرع في اهتمام العلماء في خدمة السنة النبوية عن طريق التخريج ودراسة الأسانيد والبحث عن اختيار الصحيح وهجر الضعيف وبيان ذلك، فنرى من هذا الجانب أنّ كتب التخريج التي وضعها العلماء تنقسم إلى قسمين: