قال عبد القادر حبيب الله السندي في (مرويات غزوة تبوك ٢٤١-٢٤٢) : "وهذا الطريق من أجود الطرق في المغازي، وقد ثبت سماع عاصم المذكور عن أنس بن مالك، كما قال الحافظ في التقريب، وبقي شيء واحد وهو أنّ ابن إسحاق لم يصرّح عن شيخه عاصم المذكور، ولو صرّح لكان هذا الإسناد حسناً. وأمّا طريق عمرو بن أبي سلمة فلا علم لي بها. لأنّ الطريق لم يذكره الحافظ كاملاً. وأمّا عمرو ابن أبي سلمة، فهو عمرو بن أبي سلمة التنيسي، أبو حفص الدمشقي، مولى بني هاشم، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة ٢١٣هـ أو بعدها. قلت: أمّا قوله: "إنّ ابن إسحاق لم يُصرّح بالسماع عن شيخه عاصم، فقد صرّح بالسماع منه في المغازي، وذلك في تكملة الحديث حيث قال: "فحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أنس بن مالك قال: "رأيت قباء أكيدر حيث قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجّبون منه ... ". وذكر الحديث. (ابن هشام: سيرة ٤/٢٣٢) . وهذا السند متصل، صرّح فيه ابن إسحاق بالسماع وهو حسن إن شاء الله تعالى. وأمّا قوله: "وأمّا طريق عمرو بن أبي سلمة فلا علم لي بها ... " الخ. فقد وقع تصحيف في اسم الراوي الذي روى عنه عاصم، كما وقع في الإصابة، فهو ليس (عمرو بن أبي سلمة) بل (عثمان بن أبي سليمان) كما وقع صحيحاً عن أبي داود (كتاب الخراج، باب في أخذ الجزية، حديث ٣٠٢١) الذي روى بسنده من طريق ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك، وعنه عثمان بن أبي سليمان به نحوه، وقد سكت عنه أبو داود، والمنذري، وقال عنه الألباني: (صحيح سنن أبي داود٢/٥٨٩) : "حسن". وقال المزي: "الحديث أخرجه أبو داود متصلاً من طريق عاصم بن عمر، عن أنس، ومرسلاً من طريق عاصم، عن عثمان. (انظر: عون المعبود ٨/٢٨٦) . قلت: وهذا هو الأصوب، فعاصم بن عمر من الرابعة، فكيف يروي عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي، وهو من كبار العاشرة؟! وتلك قرينة على وقوع التصحيف في اسم مَن روى عنه عاصم، وكتاب الإصابة المطبوع تكثر فيه التصحيفات والتحريفات من فعل النُّسَّاخ. والله تعالى أعلم.