للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الهداية والتوفيق.

وأما الجواب على الملاحظة الثانية فنقول: هذا أيضًا من البلاء، ولعل في جوابي السابق ما يدل عليه؛ لأن مذهب الظاهرية -كما هو معروف- مذهب يأخذ بالظاهر ولا يرجع إلى القواعد العامة النافعة، ولو أننا ذهبنا نتتبع من أقوالهم ما يتبين به فساد منهجهم أو بعض منهجهم لوجدنا الكثير، ولكننا لا نحب أن نتتبع عورة الناس.

والجواب على الملاحظة الثالثة: فلا شك أن الأولى بطالب العلم أن يبدأ أولا بكتاب الله -عز وجل- فإن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا لا يتعلمون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، ثم بالسنة النبوية، ولا يقتصرون على معرفة الأسانيد والرجال والعلل إنما يحرصون على مسألة فقه هذه السنة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "رب مُبلغ أوعى من سامع" ١ ويقول: "رُبَّ حامل فقهٍ ليس بفقيه" ٢.

والناس الآن في ضرورة إلى معرفة الأسانيد وصحتها وفي ضرورة أيضًا إلى الفقه في هذه السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على القواعد والأصول الشرعية حتى لا يضل الإنسان ويضل غيره.

الجواب على الملاحظة الرابعة: يجب أن يعلم الإنسان المفتي، أنه سفير بين الله وبين خلقه، ووارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يكون عنده علم راسخ يستطيع به أن يفتي عباد الله، ولا يجوز للإنسان أن يتصدر للفتوى والتدريس وليس معه علم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جُهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا" ٣.


١ متفق عليه: رواه البخاري ٦٧- ١١٧٤١. ومسلم ١٦٧٨.
٢ صحيح: رواه الترمذي ٢٦٥٦. وأبو داود ٣٦٦٠. والدارمي ١/٦٥, ٦٦. وأحمد ٥/١٨٣. وصححه الألباني في الصحيح ٤٠٣.
٣ متفق عليه: رواه البخاري ١٠٠, ومسلم ٢٦٧٣. والترمذي ٢٦٥٢.

<<  <   >  >>