للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من إنسان ينسى حديثًا، بل قد ينسى آية. رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في أصحابه فأسقط آية نسيانًا، وكان معه أبي بن كعب ـ رضي الله عنه فلما انصرف من صلاته قال: "هلا كنت ذكرتنيها" ١.

وهو الذي ينزل عليه الوحي، وقد قال له ربه: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} [الأعلى:٦، ٧] .

ومن هذا أي مما يكون قد بلغ الإنسان ولكنه نسيه قصة عمر بن الخطاب مع عمار بن ياسر رضي الله عنهما حينما أرسلهما رسول الله في حاجة، فأجنبا جميعًا عمار. أما عمار فاجتهد ورأى أن طهارة التراب كطهارة الماء، فتمرغ في الصعيد كما تمرغ الدابة، لأجل أن يشمل بدنه التراب، كما كان يجب أن يشمله الماء وصلى، أما عمر رضي الله عنه فلم يصل ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرشدهما إلى الصواب، وقال لعمار٢: "إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا". وضرب بيديه ووجهه وكان عمار رضي الله عنه يحدث بهذا الحديث في خلافة عمر، وفيما قبل ذلك، ولكن عمر دعاه ذات يوم وقال له: ما هذا الحديث الذي تحدث به؟ فأخبره وقال: أما تذكر حينما بعثنا رسول الله في حاجة، فأجنبنا فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمرغت في الصعيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما كان يكفيك أن تقول كذا وكذا".

ولكن عمر لم يذكر ذلك وقال: اتق الله يا عمار، فقال له عمار: إن شئت بما جعل الله عليَّ من طاعتك أن لا أحدث به فعلت،

فقال له عمر: نوليك ما توليت ـ يعني فحدث به الناس ـ فعمر نسي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعل التيمم في حال الجنابة كما هو في حال الحدث الأصغر، وقد تابع عمر على ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحصل بينه وبين أبي موسى


١ صحيح: رواه أبو داود ٩٠٧. وقد سبق تخريجه.
٢ متفق عليه: رواه البخاري ٣٣٩. ومسلم ٣٦٨. وأحمد ٤/٢٦٣.

<<  <   >  >>