للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه.

وأخيرًا أنصح نفسي أولا وإخواني المسلمين، ولا سيما طلبة العلم إذا نزلت بإنسان نازلة من مسائل العلم ألا يتعجل ويتسرع حتى يتثبت ويعلم فيقول؛ لئلا يقول على الله بلا علم.

فإن الإنسان المفتي واسطة بين الناس وبين الله، يبلغ شريعة الله كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء" ١. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "إن القضاة ثلاثة: قاضٍ واحد في الجنة وهو من علم الحق فحكم به" ٢.

كذلك أيضًا من المهم إذا نزلت فيك نازلة أن تشد قلبك إلى الله وتفتقر إليه أن يفهمك ويعلمك لا سيما في الأمور العظام الكبيرة التي تخفى على كثير من الناس.

وقد ذكر لي بعض مشائخنا أنه ينبغي لمن سئل عن مسألة أن يكثر من الاستغفار، مستنبطًا من قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء:١٠٥] {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٥, ١٠٦] لأن الإكثار من الاستغفار يوجب زوال أثر الذنوب التي هي سبب في نسيان العلم والجهل كما قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: ١٣] .

وقد ذكر الشافعي أنه قال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاصي

فلا جرم حينئذ أن يكون الاستغفار سببًا لفتح الله على المرء.

وأسأل الله التوفيق والسداد وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وأن لا يزيغ قلوبنا


١ صحيح: رواه الترمذي ٦٢٨٢. وأبو داود ٣٦٤١. وصححه الألباني في صحيح الجامع ٦٢٩٧.
٢ صحيح: رواه الترمذي ١٣٢٧. وابن ماجة ٢٣١٥. وأبو داود ٣٥٧٣. وصححه الألباني في المشكاة ٣٧٣٥. والإرواء ٢٦١٤.

<<  <   >  >>